أضرار شهادة الزور التي تهدد العدالة في السعودية

شهادة الزور من أخطر الجرائم التي تهدد نزاهة العدالة وتزعزع الثقة في القضاء، إذ تمسّ مباشرة حقوق الأفراد وتؤثر على سمعة المنظومة القضائية.وفي المملكة العربية السعودية، أولت الأنظمة والقوانين عنايةً كبيرة لهذه الجريمة لما تسببه من أضرار جسيمة على الأفراد والمجتمع.في هذا المقال سنتناول بالتفصيل أضرار شهادة الزور، وموقف الشريعة الإسلامية والنظام السعودي منها، مع بيان العقوبة النظامية والتراجع عنها.

شهادة الزور في المواضع التي تبين عدم ضررها بأحد:

رغم أن شهادة الزور تُعد من كبائر الذنوب شرعًا وجريمة يعاقب عليها النظام، إلا أن بعض الفقهاء فرّقوا بين الشهادة الكاذبة التي لا يترتب عليها ضرر فعلي وبين تلك التي تؤدي إلى انتهاك حق أو إلحاق ضرر بشخص.
فإذا شهد الشخص زورًا في أمرٍ لم يتضرر به أحد، فالفعل يبقى محرمًا شرعًا لكنه لا يُرتب مسؤولية جنائية كاملة من حيث العقوبة التعزيرية، لأن الضرر عنصر أساسي في قيام الجريمة بنص القاعدة الشرعية: «لا جريمة ولا عقوبة إلا بوجود ضرر». ومع ذلك، يبقى الوازع الديني والأخلاقي مانعًا من الكذب أو التلفيق حتى في هذه المواضع.

أضرار شهادة الزور:

• إضاعة الحقوق:

تؤدي شهادة الزور إلى ضياع الحقوق الشرعية والقانونية لأصحابها، وقد تصدر بسببها أحكام ظالمة على أبرياء لا ذنب لهم، مما يُخلّ بمبدأ العدالة الذي يقوم عليه القضاء السعودي.

• زعزعة الثقة في القضاء:

عندما تتسلل الشهادة الكاذبة إلى أروقة المحاكم، فإنها تضعف ثقة المجتمع في نزاهة القضاء وعدالة الشهود، وهو ما يمثل أحد أخطر أضرار شهادة الزور على المنظومة العدلية.

• الضرر بالمجتمع:

لا تقتصر أضرار شهادة الزور على الأفراد المتضررين مباشرة، بل تمتد لتقويض الأمن المجتمعي، إذ تُشجع على الظلم وتُضعف هيبة القانون، مما يؤدي إلى خلخلة القيم الأخلاقية في المجتمع.

• الإثم الديني:

شرعًا، تُعد شهادة الزور من أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، وقد قرنها الله تعالى بالعبادات المنكرة في قوله: “فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور” — [سورة الحج: 30]. مما يبرز جسامة الذنب وخطورته في ميزان الشرع.

• العقوبة النظامية:

حرص النظام السعودي على التصدي لهذه الجريمة لما يترتب عليها من أضرار جسيمة، فنصّت المادة (166) من نظام الإجراءات الجزائية على أن: «إذا ثبت أن شاهداً قد أدلى عمداً بأقوال كاذبة، يُعاقب بعقوبة شهادة الزور».

وتُعد هذه العقوبة تعزيرية، أي يقدّرها القاضي وفق ظروف كل واقعة وما ترتب عليها من ضرر، وقد تصل إلى السجن والغرامة المالية أو كليهما، فضلًا عن شطب اسم الشاهد من سجلات العدلية ومنعه من أداء الشهادة مستقبلًا.

آية قرآنية عن شهادة الزور:

• ورد التحذير الإلهي من شهادة الزور في قوله تعالى: “فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور” — [سورة الحج: 30]. وهذه الآية تُظهر مدى عظم الجرم، إذ قرن الله قول الزور بعبادة الأوثان، ما يدل على خطورته ووجوب اجتنابه.
• كما قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: “ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور” – رواه البخاري ومسلم، وأشار بيده حتى قال الصحابة: ليته سكت من شدة التحذير.

التراجع عن شهادة الزور:

يُعد التراجع عن شهادة الزور واجبًا شرعيًا وقانونيًا متى ما تبين للشاهد أنه أخطأ أو كذب عمدًا. في النظام السعودي، يجوز للشاهد تصحيح أقواله قبل صدور الحكم، وفي هذه الحالة قد تُخفف عنه العقوبة نظرًا لتعاونه مع المحكمة واعترافه بالخطأ. أما إذا تم التراجع بعد صدور الحكم وبناء القضاء على شهادته، فإن ذلك لا يُسقط العقوبة بل يُضاف إليه جرم آخر يتعلق بالتضليل وإفساد العدالة.

عاقبة شهادة الزور:

• تتراوح عقوبة شهادة الزور في السعودية بين السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
• غرامة مالية تصل إلى خمسمائة ألف ريال سعودي، أو بهما معًا، وفقًا لظروف القضية ونوع الضرر المترتب.
• عقاب شهادة الزور عند الله أشد وأعظم، لأنها تمثل ظلمًا مركبًا يجمع بين الكذب وإلحاق الضرر بالآخرين.
• شطب اسمه من سجلات الشهود لدى الجهات العدلية.
• المساءلة التأديبية إن كان موظفًا عامًا.
• حرمانه من الولاية أو الشهادة مستقبلًا في بعض القضايا الشرعية.

الأسئلة الشائعة:

هل يمكن التراجع عن شهادة الزور دون عقوبة؟

نعم، إذا تم التراجع قبل صدور الحكم القضائي وبنية صادقة، فقد يُخفف القاضي العقوبة أو يسقطها تعزيرًا.

هل شهادة الزور تعد جريمة حتى لو لم تضر بأحد؟

نعم شرعًا هي حرام، لكن من الناحية النظامية لا تقوم الجريمة إلا بوجود ضرر فعلي أو مصلحة غير مشروعة تحققت نتيجة الشهادة.

كيف أبلغ عن شهادة زور في السعودية؟

يمكنك الإبلاغ عبر منصة أبشر أو من خلال النيابة العامة مباشرة، مع تقديم الأدلة والمستندات الداعمة.

ختامًا، فإن أضرار شهادة الزور تصل إلى هدم العدالة وتدمير الثقة بالنظام القضائي. ولذلك، حرصت الشريعة والنظام السعودي على تجريمها وتشديد العقوبة عليها حمايةً للحقوق وتحقيقًا للعدالة. إن قول الحق أمانة، والشهادة مسؤولية عظيمة، ومن صان لسانه عن الزور فقد صان مجتمعه من الظلم والفساد.

يمكنك الاطلاع علي: طريقة رفع دعوى في المحكمة الإدارية.