الحضانة في النظام السعودي تعد من أهم القضايا الأسرية التي تشغل المجتمع، نظرًا لارتباطها المباشر بمصلحة الطفل واستقراره النفسي والتربوي. وتستند أحكام الحضانة في السعودية إلى الشريعة الإسلامية أولًا، ثم إلى الأنظمة القضائية التي وضعت تنظيم حقوق الحاضن والمحضون. ومع التطورات الأخيرة التي شهدها النظام القضائي السعودي، أصبحت قضايا الحضانة أكثر وضوحًا، خاصة فيما يتعلق بحقوق الأم، وشروط الحاضن، وإجراءات التقاضي.
تعريف الحضانة في النظام السعودي:
الحضانة في النظام السعودي تعني: حفظ الطفل وتربيته ورعايته بما يكفل له مصلحة دينية ونفسية وصحية واجتماعية. النظام السعودي مستمد من مبادئ الفقه الإسلامي التي تقدم مصلحة المحضون على أي اعتبار آخر، ولذلك تُعتبر الحضانة حقًا للطفل قبل أن تكون حقًا للأبوين.
من له الحق في الحضانة وفق النظام السعودي؟
مسألة من له الحق في الحضانة هي الأكثر جدلاً في المجتمع السعودي، وقد فصل فيها النظام القضائي كالتالي:
-
الأم: لها الأولوية في الحضانة طالما كانت مؤهلة لذلك، وذلك حفاظًا على مصلحة الطفل وخاصة في سنواته الأولى.
-
الأب: ينتقل إليه الحق في حال فقدان الأم شرطًا من شروط الحضانة.
-
الأقارب: إذا تعذر الحضانة من قبل الأم أو الأب، تنتقل الحضانة إلى الأقارب بحسب ترتيب محدد تقره المحكمة (مثل الجدة أو الخالة).
-
مصلحة الطفل أولًا: قد تُقرر المحكمة خلاف الترتيب إذا اقتضت مصلحة الطفل ذلك.
النظام السعودي جعل مصلحة المحضون هي المعيار الأساسي، وليس مجرد الترتيب الوراثي أو القرب العائلي
شروط الحضانة في النظام السعودي:
حتى يكون الشخص مؤهلاً للحضانة، وضع النظام السعودي عدة شروط أساسية، أبرزها:
-
القدرة على تربية الطفل: من الناحية النفسية والتربوية.
-
السلامة من الأمراض المعدية أو النفسية الخطيرة: التي قد تؤثر على مصلحة الطفل.
-
الأمانة وحسن السلوك: حتى ينشأ الطفل في بيئة صالحة.
-
الاستقرار في السكن والمعيشة: لتأمين حياة مستقرة للمحضون.
-
ألا يكون متزوجًا من شخص قد يضر بمصلحة الطفل: مثل زواج الأم من أجنبي غير محرم للطفل في بعض الحالات.
حقوق وواجبات الحاضن في النظام السعودي:
النظام السعودي لم يقتصر على تحديد من له الحق في الحضانة، بل وضع أيضًا حقوقًا وواجبات للحاضن، منها:
-
حقوق الحاضن:
-
حقه في حضانة الطفل ورعايته.
-
المطالبة بالنفقة من الأب إذا كانت الأم هي الحاضنة.
-
الاستعانة بالمحكمة لفرض تنفيذ الحضانة عند الامتناع.
-
-
واجبات الحاضن:
-
التربية السليمة وفق تعاليم الدين الإسلامي.
-
توفير الرعاية الصحية والتعليمية.
-
تمكين الطرف الآخر (الأب أو الأم غير الحاضنة) من حق الزيارة الشرعية.
-
كيفية رفع دعوى حضانة في النظام السعودي:
تعتبر دعوى الحضانة من الدعاوى الأسرية الأكثر شيوعًا في المحاكم السعودية، ويتم رفعها عبر الخطوات التالية:
-
تقديم صحيفة الدعوى إلكترونيًا عبر بوابة “ناجز” التابعة لوزارة العدل.
-
تحديد بيانات الأطراف (المدعي – المدعى عليه – المحضون).
-
إرفاق المستندات مثل عقد الزواج، صك الطلاق، شهادات ميلاد الأطفال.
-
جلسات صلح إلزامية قبل تحويل القضية إلى المحكمة.
-
إصدار الحكم بناءً على المصلحة الراجحة للمحضون.
-
تنفيذ الحكم عبر دوائر التنفيذ إذا امتنع الطرف المحكوم ضده.
التعديلات الجديدة في قضايا الحضانة بالسعودية:
-
أصبح ثبوت الحضانة في النظام السعودي للأم لا يتطلب رفع دعوى في بعض الحالات، وإنما يكفي تقديم طلب للمحكمة.
-
تيسير إجراءات التنفيذ بحيث يتم تسليم المحضون للطرف الحاضن بسرعة دون تعقيدات.
-
تعزيز حق الزيارة للطرف غير الحاضن من خلال مراكز مخصصة لحماية الطفل.
مصلحة الطفل فوق كل اعتبار:
النظام السعودي يقرر أن مصلحة الطفل هي الأساس، ومن ثم قد تُمنح الحضانة للطرف الأكثر صلاحية حتى لو كان بعيدًا عن الترتيب المعتاد، مثل منحها للجدة أو الخالة إذا ثبت أن الأم أو الأب غير صالحين.
الأسئلة الشائعة:
هل يمكن إسقاط الحضانة عن الأم أو الأب بعد ثبوتها؟
نعم، يمكن إسقاط الحضانة عن الحاضن إذا فقد أحد شروطها، مثل إصابته بمرض خطير يؤثر على الطفل، أو ثبوت إهمال جسيم في رعايته، أو زواج الأم بشخص قد يضر بمصلحة المحضون. المحكمة تراقب دائمًا مصلحة الطفل وتعيد النظر في الحضانة عند الضرورة.
هل يحق للحاضن السفر بالمحضون خارج السعودية؟
لا يجوز للحاضن السفر بالطفل إلى خارج المملكة إلا بإذن ولي الأمر أو بموافقة المحكمة. الهدف من ذلك حماية حقوق الطرف الآخر في الزيارة وضمان عدم الإضرار بمصلحة الطفل أو حرمانه من والده/والدته.
ما هي السن التي تنتهي عندها الحضانة في النظام السعودي؟
غالبًا تستمر الحضانة حتى سن 15 عامًا، وبعدها يمكن للطفل أن يختار بين الأب أو الأم، لكن القرار النهائي يخضع لتقدير المحكمة إذا رأت أن مصلحة الطفل تقتضي خلاف ذلك.
كيف يتم تنظيم حق الزيارة للطرف غير الحاضن؟
النظام الجديد أوجد مراكز مخصصة لتمكين الطرف غير الحاضن من لقاء الطفل في بيئة آمنة تراعي خصوصية الأسرة، ويمكن الاتفاق وديًا بين الطرفين على أوقات الزيارة، وإذا لم يتم الاتفاق فإن المحكمة تحددها بما يحقق التوازن بين حق الوالد وراحة الطفل.
هل يمكن تعديل حكم الحضانة في النظام السعودي بعد صدوره؟
نعم، حكم الحضانة ليس نهائيًا بصورة مطلقة، ويمكن تعديله إذا طرأت ظروف جديدة مثل انتقال الحاضن إلى مدينة أخرى أو تغيّر وضع الطفل الدراسي أو الصحي. ويحق للطرف المتضرر رفع دعوى جديدة لإعادة النظر في الحضانة.
في الختام فإن الحضانة في النظام السعودي لم تعد مجرد حق للوالدين، بل أصبحت مسؤولية وواجبًا تجاه مصلحة الطفل بالدرجة الأولى. النظام أرسى قواعد واضحة لحماية المحضون وضمان استقراره، بدءًا من ترتيب الحضانة وشروطها، وصولًا إلى إجراءات التقاضي وتنفيذ الأحكام. ولذلك، فإن معرفة تفاصيل الحضانة في النظام السعودي أمر ضروري لكل أسرة، حتى يتم التعامل مع هذه القضايا الحساسة بطريقة واعية تحفظ حقوق الجميع، خاصة حقوق الأطفال الذين يمثلون مستقبل المجتمع.
يمكنك الاطلاع علي: إجراءات رفع دعوى إثبات نسب