التقادم في القضايا التجارية: 3 حالات يسقط فيها التقادم في أقل من سنة

/

/

التقادم في القضايا التجارية: 3 حالات يسقط فيها التقادم في أقل من سنة

التقادم في القضايا التجارية

التقادم في القضايا التجارية من أكثر المسائل القانونية التي تثير قلق التجار ورجال الأعمال في السعودية، فهو القاعدة التي تحدد المدة التي يمكن خلالها رفع الدعوى للمطالبة بالحقوق. ورغم أن الأصل في النظام السعودي أن دعاوى الالتزامات التجارية تتقادم بمضي خمس سنوات من تاريخ استحقاق الحق، إلا أن هناك استثناءات هامة تجعل الحق يسقط في فترة وجيزة جدًا، قد لا تتجاوز 6 أشهر أو سنة واحدة.

الأصل العام في التقادم في القضايا التجارية:

قبل أن نتناول الحالات الخاصة، لا بد من التوضيح أن المادة (24) من نظام المحكمة التجارية تنص على أن الدعاوى الناشئة عن الالتزامات التجارية تتقادم بمضي خمس سنوات، ما لم يقر المدين بالدين أو تنقطع المدة بسبب رفع الدعوى. هذا يعني أن الأصل هو منح التاجر فترة كافية لمراجعة حساباته وتسوية معاملاته، لكن النظام السعودي شدد في بعض المعاملات على مدد أقصر لحماية سرعة التداول التجاري.

مدة التقادم في القضايا التجارية:

الحالة الأولى: التقادم في دعاوى الشيك:

الكثير من التجار يظنون أن الشيك يمكن المطالبة به في أي وقت، لكن الحقيقة أن دعوى المطالبة بقيمة الشيك تسقط بالتقادم بعد مرور 6 أشهر من انتهاء ميعاد تقديمه للبنك. مثلًا: إذا كان ميعاد تقديم الشيك هو 30/01/2025، فإن آخر موعد للمطالبة القضائية به هو 30/07/2025. بعد هذه المدة لا يمكن لحامل الشيك الرجوع قضائيًا على الساحب، ويصبح الحق ضائعًا.

الحالة الثانية: الكمبيالة والسند لأمر:

تنص أحكام نظام الأوراق التجارية على أن دعاوى الرجوع على المظهرين (أي من قاموا بتظهير الكمبيالة أو السند لأمر) تتقادم بمضي سنة واحدة من تاريخ الاستحقاق. مثال: إذا كان السند لأمر مستحقًا في 01/05/2025، فإن آخر موعد لمطالبة المظهر هو 01/05/2026. بعد هذه المدة يسقط الحق، حتى لو كان الدين ثابتًا بالورقة.

الحالة الثالثة: دعاوى الرجوع على الساحب في الكمبيالة:

إذا رفع الحامل دعوى على المظهر ولم يحصل على حقه، فإن دعوى الرجوع على الساحب (منشئ الكمبيالة) تتقادم بمضي 6 أشهر فقط من تاريخ البروتستو أو من تاريخ الاستحقاق. هذا يجعل الكمبيالة ورقة ذات طبيعة سريعة، ولا تتحمل التأخير في المطالبة القضائية. مثال : تاجر يحمل كمبيالة تستحق في 01/03/2025، ولم يقم برفع الدعوى إلا بعد 01/09/2025، هنا يكون حقه في الرجوع على الساحب قد سقط.

الفرق بين التقادم التجاري والتقادم المدني:

  • التقادم التجاري: أقصر بطبيعته (خمس سنوات أو أقل).

  • التقادم المدني: غالبًا أطول (15 سنة في الحقوق المدنية).

هذا الاختلاف يعكس رغبة المشرّع في جعل المعاملات التجارية سريعة الحسم وعدم إبقاء النزاعات القديمة مفتوحة.

متى ينقطع التقادم؟

حتى لا يظن القارئ أن الحق يضيع بمجرد مرور المدة، يجب الإشارة إلى أن هناك أسبابًا تؤدي إلى انقطاع التقادم في القضايا التجارية مثل:

  • رفع الدعوى أمام المحكمة.

  • إقرار المدين بالدين صراحة أو ضمنًا (كأن يسدد جزءًا من المبلغ).

  • المطالبة الرسمية بخطاب موثق.

أمثلة عملية التقادم في القضايا التجارية من السوق السعودي:

  • تاجر عقارات: تسلم شيكًا في 01/01/2025 ولم يقدمه للبنك إلا في 01/08/2025 → ضاع حقه.

  • شركة مقاولات: تحمل سندًا لأمر مستحق في 01/04/2025 ولم ترفع الدعوى إلا في 01/06/2026 → الحق سقط بالتقادم.

  • مستورد: يملك كمبيالة تستحق في 01/05/2025، ولم يباشر الدعوى إلا بعد 01/12/2025 → الحق ضاع.

كيفية حماية نفسك من خطر التقادم في القضايا التجارية:

  • متابعة مواعيد الاستحقاق بدقة.

  • استخدام نظام الإشعارات الإلكترونية في البنوك.

  • توكيل محامٍ لمباشرة الأوراق التجارية فورًا.

  • اللجوء إلى منصات وزارة العدل مثل ناجز لتقديم الدعاوى إلكترونيًا دون تأخير.

أهمية الوعي القانوني للتجار في التقادم في القضايا التجارية :

الكثير من الخسائر التجارية في السعودية لا تعود لضعف النظام، وإنما لجهل التاجر بمدد التقادم. فربما يضيع الملايين بسبب تأخير يوم واحد في رفع الدعوى.

الأسئلة الشائعة:

هل يمكن الاتفاق بين التجار على تمديد مدة التقادم في القضايا التجارية؟

نعم، من الناحية النظرية يمكن للأطراف أن يتفقوا على تمديد أو تقصير بعض المدد، لكن النظام السعودي يضع قيودًا صارمة على ذلك لأن التقادم متعلق بالنظام العام. وبالتالي أي اتفاق يخالف المدد المقررة قانونًا قد يعتبر باطلًا أمام المحكمة.

هل يختلف التقادم في القضايا التجارية إذا كان الحق مرتبطًا بعقد دولي أو مع طرف أجنبي؟

نعم، في حالة العقود التجارية الدولية قد تخضع بعض الالتزامات لأحكام خاصة أو لاتفاقيات دولية مثل اتفاقية جنيف للأوراق التجارية. كما أن المحاكم السعودية قد تأخذ بعين الاعتبار مكان إبرام العقد أو القانون الواجب التطبيق إذا اتفق الأطراف على ذلك، مما قد يؤثر على مدة التقادم.

ما أثر التقادم التجاري على الكفيل أو الضامن للدين؟

إذا سقط حق الدائن في الرجوع على المدين الأصلي بالتقادم، فإنه يسقط كذلك في مواجهة الكفيل أو الضامن، لأن التزام الضامن تابع للمدين الأصلي. إلا إذا كان هناك التزام مستقل في عقد الضمان، فيبقى للمدين الحق في التمسك بالتقادم الخاص به.

هل يمكن إعادة المطالبة بالدين بعد سقوطه بالتقادم عن طريق الدعوى المدنية؟

لا، سقوط الحق بالتقادم في القضايا التجارية يعني انتهاء الحق في المطالبة القضائية سواء كانت تجارية أو مدنية. ومع ذلك يبقى الدين قائمًا من الناحية الأدبية، أي يمكن للمدين أن يسدده طوعًا، لكن لا يمكن إجباره على ذلك قضائيًا.

ما موقف التقادم إذا كان المدعي قاصرًا أو فاقدًا للأهلية وقت استحقاق الدين؟

في مثل هذه الحالات يوقف سريان مدة التقادم حتى يكتسب صاحب الحق أهليته القانونية أو يتم تعيين ولي أو وصي يتولى مباشرة الدعوى. وهذا استثناء مهم يهدف لحماية حقوق القُصّر وناقصي الأهلية من ضياع حقوقهم بسبب الظروف الشخصية.

في الختام ان التقادم في القضايا التجارية بالسعودية ليس مسألة شكلية، بل هو قاعدة جوهرية قد تحفظ لك حقوقك أو تضيعها نهائيًا. ورغم أن الأصل هو 5 سنوات، إلا أن هناك 3 حالات خطيرة يسقط فيها الحق خلال أقل من سنة: الشيكات، الكمبيالات، والسندات لأمر. لذلك، فإن أفضل ما يمكن للتاجر أن يفعله هو الوعي بهذه المدد والتحرك السريع لحماية مصالحه، مع الاستعانة بخبير قانوني يضمن له عدم سقوط حقوقه بالتقادم.

يمكنك الاطلاع علي: الدليل الشامل في إجراءات رفع دعوى قضائية 2025.

مكتب معالي المستشار/محمد العتيبي

لمساعدتك على إيجاد حلول إبداعية للمشاكل القانونية

بتقديم الخدمة القانونية التي تحتاجها عن طريق محامون من ذوي الخبرة

لحجز معاد مسبق برجاء التواصل علي